الجمعة، 14 ديسمبر 2012

شيء من الذاكرة رحلة إلى أثينا ـ3

العالم يتسع حسب ثقافة شعوبه , فكلما زادت الثقافة أنتابك احساس بإتساع هذا العالم ,عندما ألتقي بثقافة لها دور عظيم في ثقافة العالم وإخراج هذا الكم من عظماء الفلسفة والعلم والأدب يكافة فنونه تنابك العظمة بأنك تقف على رقعه أرتخت لها أطراف الأرض في زمن لازال حاضر , فتيات أثينا جميلات بل تعدى جمالهن الجمال , تقول الأسطورة أن الإسكندر المقدوني جلب كل جميلات العالم في حروبه التي قادها في كل أنحاء المعمورة ليضعهم في اثينا ويغير تركيبة النسل فكانت هذه النتيجة التي نراها في جمال فتيات أثينا .
لكنه جمال هرمي هكذا يسموه وتعني كلمة هرمي أي أنه عندما تتخطى الثلاثين من العمر يبدأ هذا الجمال بالهرم والتضائل .

ــــ
شيء من الذاكرة رحلة إلى أثينا ـ3

اللحظات التي كانت تمر وأنا اتأمل هذا المكان ورومانسيته كانت كفيلة لي بأن أخرج بفكرة فاسدة اقضي بها على كآبة الليل ووحدته 
هي فكرة مجنونة بلاشك لكن تنفيدها صعب جداً , تقديم الأسباب مخجل في مثل هذه الظروف لكنه أيضاً ممتع يخرجك من حالة الكبت 
إلى حالة الإنفلات بخيالك , من المشاهد التي لاأنساها ذلك الشاب الذي قطف الكثير من الزهور وأخذ يغرسها بين خصلات شعر حبيبته 
والقبل كانت حاضرة وهي سيدة الغرابة في عيني لكني تقبلتها كرجل يمارس نفاق الحضارة وإيمان الحرية المتكامل هكذا نحن نكون خارج حدودنا مرتخين في كل شيء .
حالة الحسرة التي عايشتها بتلك الحديقة وهبتني شعور متداخل لايمكن تفسيره حالات متضاربة حتى الحديث عنها يوصف بالجنون , أستيقضت على صوت ذلك الرجل الذي حدثتكم عنه بالفصل الثاني ليقول لي بصوت جهوري متناسق مع شكله ( وير أريو فروم ) أخبرته بنسبي الدولي حينها تغير معي للغة العربية والتي يجيدها بإتقان تام ولاتخلو من بعض الهجات البنانية ليستمر الحديث بيننا متنقل من وإلى وإلى وأين , الرجل تركي الأصل تعلم اللغة العربية في بيروت وهوبريفسور في التاريخ ونال درجة الماجستيرمسبقاً في دراسة مستوفاة عن الدولة السعودية الأولى والثانية والثالثة , وجدت في حوزته مالم أحط به علما من تاريخ مغيب وكأني الآن اقرأه في 
خزانة الوثائق البريطانية . أستمر معي بالحديث والسجال الطويل الذي دار بيني وبينه خاصة في نقطة من نقاط تاريخنا وهي مقتل عثمان رضي الله عنه وهذه النقطة بالذات من أهم النقاط في نظري والتي من خلالها تغيرت الأحداث وكثرت عنها الرويات وكانت المقصد لكل باحث وكاتب لضخ مافي قلبه وليس مافي عقله , أختلفنا كثيرا ولو أنه أستند على صحيحها كنت مخالف له فيها لأن في قرارة نفسي اريد أن ابني تاريخ أبيض خالي من الشوائب لصحابة رسول الله (ص) , وأعلم تماماً أنه من سابع المستحيلات ومغاير لروايات التاريخ لكني هكذا أريد وأنا حر فيما أريد ومن حقي أن أدافع عن تاريخ أبيض دنسه المساومين على مصالحهم وعروشهم .
قطع الحديث بيننا صوت الأنين الذي لم يبعد عنا كثير وكان أنين خارج عن السيطرة غلفته الفطرة التي لايمكن مقاومتها وكان مشهد لم يسرقه غير عيني وعين الرجل تحدثت فيها عيني وعينه وحركات ايدينا وإبتسامة فيها نوع لايمكن أن اسميه استهجان لكنه نوع لاأعرفه حقيقة , أقتربت الشمس من المغيب والرجل لازال كثير الكلام وأنا تفكيرى منحصر في كيفية تقديم اعتذاري له بالمغادرة . فما كان مني إلا أن ربطت حبل حدائي واقف له معتذراً لأني مرتبط على عشاء . وطلب مني الحضور غداً هنا في نفس الموعد فأخبرته ربما وربما ولكن ليس مؤكداً . صافحته على عجل وأسرعت بالخروج من الحديقة وأنا اللعن كل شيطان يهز شجرها أو يقطف من ثمارها وكأني أحد الرهبان الذين يسكنون الدير الذي يعلو الحديقة . 


يتبع 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق