الأربعاء، 12 ديسمبر 2012

وسيأتي اليوم الذي تعضون فيه على الأنامل ندماً وحينها ولات حين محيص

لماذا السياسة تحديداً ؟ 
كثيراً ما يطرق هذا السؤال سمعي أنا وغيري ممن تستهويهم المناقشات ذات العمق الفكري ولسيّما عندما يكون الموضوع المطروح على درجة من الأهمية و الموضوعية فتعتريني ومن هم على شاكلتي حالة من الهياج الفكري لا نملك إزائها سوى أن نطلق العنان لألسنتنا أو أقلامنا لتعبر عما اختمر في زقِها من أفكار وخواطر وعندما يحتدم النقاش وتزداد أهميته كثيراً ما يلفي الواحد منا -شاء أم أبى- نفسه وقد أفضت به الأفكار للخوض في معترك السياسة ، وكثيراً ما كنت أتساءل عن السر الكامن وراء ذلك وبعد استغراق عميق في التفكير والوقوف على هذه الجزئية بذاتها كانت الإجابة وبمنتهى البساطة أن السياسة هي المسيطر و المحرك على المحيط الذي تتحرك داخله الشعوب فالسياسة بتداعياتها وتأثيراتها تمس حياة الناس جميعاً على اختلاف مستوياتهم ومشاربهم وتموضعهم في مجتمعاتهم وبشكل مباشر أو غير مباشر ابتداء من الحياة البسيطة للمواطن العادي مروراً بالمسؤول حتى رأس الهرم ، كما انها وبشقيها الداخلي و الخارجي تلعب دوراً في تسيير أمورهم و التأثير في شتى مناحي حياتهم الاقتصادية و الفكرية و الثقافية و الاجتماعية و الأسرية وعليه فإنه لا مناص و لا مهرب لأي كان من الخوض فيها و التطر ق إليها ولو بإشارة من بعيد لذا فإنه من العجب العجاب أن يقود الفكر التراكمي المتخم به عقول كثير من الناس إلى التثريب على الأحياء أمثالنا وكأن لسان حالهم يقول : اِركنوا إلى القبور واحيَوا حياة الأموات .
ولعمري إن هؤلاء السائرون في طيف اللاوعي الذي رُسم لهم بأنامل السياسة ذاتها لم ولن يدركوا فداحة الواقع ومرارته ذلك أنهم ارتضوا لأنفسهم جموداً فكرياً قوْلبوا ذواتهم في قالبه وأقلموا حياتهم مع تعاسة واقعهم وأخلدوا أنفسهم إلى الدعة و الركون لأسفاف العبودية وقد استمرءوا الإذلال و الخنوع لسطوة جلاديهم 
فكان من نتاج ذلك أن سُخِّرَ هؤلاء لخدمة السياسة ذاتها وأضحوا أدواتٌ لها ومطايا لأربابها ووسائل قمع لمناوئيها فباعوا أنفسهم ولم يشتروا 
وما تشنيعهم للأحياء طارقي أبواب السياسة ومناصبتهم العداء سوى محاولة بائسة للهروب من الواقع و تجرد مقيت من الحقائق
ولمثل هؤلاء ممن تعج بهم بلادنا نقول : اهنئوا ببيعكم الذي بعتم 
وسيأتي اليوم الذي تعضون فيه على الأنامل ندماً وحينها ولات حين محيص . 


فواز الشريف 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق