الأربعاء، 19 ديسمبر 2012

بيت الزّوجيّة على المذاهب الأربعة


بيت الزّوجيّة


التّعريف

1 - البيت لغةً : المسكن ، وبيت الرّجل داره.
وبيت الزّوجيّة : محلّ منفرد معيّن مختصّ بالزّوجة ، لا يشاركها أحد في سكناه من أهل الزّوج المميّزين ، وله غلق يخصّه ومرافق سواء كانت في البيت أو في الدّار ، على ألا يشاركها فيها أحد إلاّ برضاها.
وهذا في غير الفقراء الّذين يشتركون في بعض المرافق.
ما يراعى في بيت الزّوجيّة
2 - يرى الحنفيّة - على المفتى به - عندهم ، والحنابلة ، وهو رواية عند الشّافعيّة أنّ بيت الزّوجيّة يكون بقدر حال الزّوجين في اليسار والإعسار ، فليس مسكن الأغنياء كمسكن الفقراء ، لقوله تعالى : «وعلى المولود له رزقهنّ وكسوتهنّ بالمعروف» فقوله بالمعروف يقتضي مراعاة حال الزّوجين ، ولأنّ بيت الزّوجيّة - في الأصل - بيت دوامٍ واستقرارٍ ، فجرى مجرى النّفقة والكسوة ، ويراعي الحاكم حالهما عند التّنازع.
ويرى المالكيّة : أنّ « محلّ الطّاعة » يكون حسب العادة الجارية بين أهل بلد الزّوجين بقدر وسع الرّجل وحال المرأة.
فإن تساويا فقراً أو غنًى اعتبر حالهما ، وإن كان فقيراً لا قدرة له إلاّ على أدنى الكفاية ، فالعبرة بوسعه فقط.
وإن كان غنيّاً ذا قدرٍ ، وهي فقيرة ، أجيبت لحالةٍ أعلى من حالها ودون حاله.
وإن كانت غنيّةً ذات قدرٍ ، وهو فقير ، إلاّ أنّ له قدرةً على أرفع من حاله ، ولا قدرة له على حالها رفعها بالقضاء إلى الحالة الّتي يقدر عليها.
ويرى الشّافعيّة على المعتمد عندهم : أنّ بيت الزّوجيّة يكون بما يليق بحال المرأة عادةً ، إذ هو إمتاع ، سواء كان داراً أو حجرةً أو غيرهما.
وظاهر الرّواية عند الحنفيّة : اعتبار حال الزّوج فقط ، لقوله تعالى : «أسكنوهنّ من حيث سكنتم من وجدكم» وهو خطاب للأزواج ، وبه قال جمع كثير منهم ، ونصّ عليه محمّد.
وكذا في قولٍ ثالثٍ للشّافعيّة : أنّ مسكن الطّاعة يكون على قدر يسار الزّوج وإعساره وتوسّطه كالنّفقة.
«شروط بيت الزّوجيّة»
3 - يرى الفقهاء أنّ بيت الزّوجيّة يراعى فيه ما يأتي
أ - أن يكون خالياً عن أهل الزّوج ، سوى طفله غير المميّز ، لأنّ المرأة تتضرّر بمشاركة غيرها في بيت الزّوجيّة الخاصّ بها ، ولا تأمن على متاعها ، ويمنعها ذلك من معاشرة زوجها ، وهذا بالنّسبة إلى بيت الزّوجيّة متّفق عليه بين الفقهاء.
أمّا سكنى أقارب الزّوج أو زوجاته الأخريات في الدّار الّتي فيها بيت الزّوجيّة ، إذا لم ترض بسكناهم معها فيها ، فقد قال الحنفيّة : إنّه إذا كان لها بيت منفرد في الدّار له غلق ومرافق خاصّة كفاها ، ومقتضاه أنّه ليس لها الاعتراض حينئذٍ على سكنى أقاربه في بقيّة الدّار ، إن لم يكن أحد منهم يؤذيها.
وقالوا أيضاً : له أن يسكن ضرّتها حينئذٍ في الدّار ما لم تكن المرافق مشتركةً ، لأنّ هذا سبب للتّخاصم.
ومثله في الجملة مذهب الشّافعيّة.
وفي قولٍ عند بعض الحنفيّة ارتضاه ابن عابدين : أنّه يفرّق بين الشّريفة والوضيعة ، ففي الشّريفة ذات اليسار لا بدّ من إفرادها في دارٍ ، ومتوسّطة الحال يكفيها بيت واحد من دارٍ.
وبنحو هذا قال المالكيّة على تفصيلٍ ذكروه ، كما نصّ عليه صاحب الشّرح الكبير ، قال : للزّوجة الامتناع من أن تسكن مع أقارب الزّوج كأبويه في دارٍ واحدةٍ ، لما فيه من الضّرر عليها باطّلاعهم على حالها ، إلاّ الوضيعة فليس لها الامتناع من السّكنى معهم ، وكذا الشّريفة إن اشترطوا عليها سكناها معهم.
ومحلّ ذلك فيما لم يطّلعوا على عوراتها.
ونصّ المالكيّة أيضاً على أنّ له أن يسكن معها ولده الصّغير من غيرها ، إن كانت عالمةً به وقت البناء ، أو لم يكن له حاضن غير أبيه ، وإن لم تعلم به وقت البناء.
وقال الحنابلة : إن أسكن زوجتيه في دارٍ واحدةٍ ، كلّ واحدةٍ منهما في بيتٍ ، جاز إذا كان بيت كلّ واحدةٍ منهما كمسكن مثلها ، وهذا يقتضي أنّه إذا كان مسكن مثلها داراً مستقلّةً فيلزم الزّوج ذلك.
أمّا خادم الزّوج أو الزّوجة : سواء من جهتها أو من جهة الزّوج ، فيجوز سكناه في الدّار ، لأنّ نفقته واجبة على الزّوج ، ولا يكون الخادم إلاّ ممّن يجوز نظره إلى الزّوجة كالمرأة الحرّة.
ب - أن يكون خالياً من سكنى ضرّتها ، لما بينهما من الغيرة ، واجتماعهما يثير الخصومة والمشاجرة ، إلاّ إن رضيتا بسكناهما معاً ، لأنّ الحقّ لهما ، ولهما الرّجوع بعدئذٍ.
ج - أن يكون بين جيرانٍ صالحين ، وهم من تقبل شهادتهم ، وذلك لتأمن فيه على نفسها ومالها ، ومفاده أنّ البيت بلا جيرانٍ ليس مسكناً شرعيّاً ، إن كانت لا تأمن فيه على نفسها ومالها.
د - أن يكون مشتملاً على جميع ما يلزم لمعيشة أمثالهما عادةً على ما تقدّم ، وعلى جميع ما يحتاج إليه من المرافق اللّازمة.
«سكنى الطّفل الرّضيع في بيت الزّوجيّة»
4 - اتّفق الفقهاء على أنّ المرأة إذا تعيّن عليها إرضاع طفلها ، أو كانت آجرت نفسها للإرضاع ، وهي غير متزوّجةٍ ، ثمّ تزوّجت ، فليس للزّوج فسخ عقد الإرضاع ، وكذلك ليس له الفسخ إذا أذن لها ، وفي هاتين الحالتين لها أن تسكن الرّضيع معها في بيت الزّوجيّة.
«ما يجيز للزّوجة الخروج من بيت الزّوجيّة»
الأصل أنّه ليس للمرأة الخروج من بيت الزّوجيّة إلاّ بإذن زوجها ، إلاّ في حالاتٍ خاصّةٍ.
وقد اختلف الفقهاء في تلك الحالات ، وأهمّها
«أ - زيارة أهلها»
5 - الرّاجح عند الحنفيّة : إنّه يجوز للمرأة أن تخرج من بيت الزّوجيّة لزيارة أبويها كلّ أسبوعٍ ، أو زيارة المحارم كلّ سنةٍ ، وإن لم يأذن زوجها.
ولها الخروج لعيادة والديها وحضور جنازتهما أو أحدهما.
وعن أبي يوسف : تقييد خروج المرأة من بيت الزّوجيّة لزيارة أبويها كلّ جمعةٍ بأن لا يقدرا على زيارتها ، فإن قدرا لا تذهب.
وأجاز المالكيّة للمرأة الخروج من بيت الزّوجيّة لزيارة والديها ، ويقضى لها بزيارتهما مرّةً كلّ أسبوعٍ ، إن كانت مأمونةً ولو شابّةً ، وحالها محمول على الأمانة حتّى يظهر خلافها.
وإن حلف : أن لا تزور والديها يحنث في يمينه ، بأن يحكم لها القاضي بالخروج للزّيارة ، فإذا خرجت بالفعل حنث ، وهذا على فرض أنّ والديها بالبلد ، لا إن بعدا عنها فلا يقضى لها ، وليس لها أن تخرج لزيارتهما إن حلف باللّه أنّها لا تخرج ، وأطلق - بحيث لم يخصّ منعها من الزّيارة بل منعها من الخروج أصلاً - لفظاً ونيّةً ، ولا يقضى عليه بخروجها ولو لزيارة والديها إذا طلبتها ، لأنّه في حال التّخصيص يظهر منه قصد ضررها ، فلذا حنث ، بخلاف حال التّعميم فإنّه لم يظهر منه قصد الضّرر ، فلذا لا يقضى عليه بخروجها ولا يحنث.
وإن لم تكن مأمونةً ، لم تخرج ولو متجالّةً ، أو مع أمينةٍ ، لتطرّق فسادها بالخروج.
وجوّز الشّافعيّة خروج المرأة لزيارة أهلها ولو محارم - على المعتمد عندهم - حيث لا ريبة ، وكذا عيادتهم ، وتشييع جنازتهم ، ولو في غيبة الزّوج من غير إذنٍ ، أو منع قبل غيبته ، فلو منعها قبل غيبةٍ فليس لها الخروج ، والمراد خروج لغير سفرٍ وغيبةٍ عن البلد.
وأجاز الحنابلة للمرأة الخروج لزيارة والديها بإذن زوجها ، وليس لها الخروج بلا إذنه ، لأنّ حقّ الزّوج واجب فلا يجوز تركه بما ليس بواجبٍ مهما كان سبب الزّيارة ، ولا تخرج بغير إذنه إلاّ لضرورةٍ ، ولا يملك الزّوج منعها من زيارتهما إلاّ مع ظنّ حصول ضررٍ يعرف بقرائن الأحوال بسبب زيارتهما لها ، فله منعهما حينئذٍ من زيارتها دفعاً للضّرر.
«ب - سفر المرأة والمبيت خارج بيت الزّوجيّة»
6 - يرى الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة جواز خروج المرأة من بيت الزّوجيّة لأداء الحجّة المفروضة ، ولا يجوز للزّوج منعها لأنّ الحجّ فرض بأصل الشّرع ، ولا يملك تحليلها إذا أحرمت بإذنه بحجٍّ غير مفروضٍ ، لوجوب إتمامه بشروعها فيه.
ويرى الشّافعيّة جواز خروج المرأة للحجّ بإذن الزّوج ، إذ ليس للمرأة الحجّ إلاّ بإذن الزّوج للفرض وغيره.
«ج - الاعتكاف»
7 - يرى الفقهاء جواز خروج المرأة من بيت الزّوجيّة بإذن زوجها للاعتكاف في المسجد مطلقاً ، والمكث فيه مدّته.
«د - رعاية المحارم»
8 - ذهب جمهور الفقهاء - خلافاً للحنابلة - إلى أنّ للمرأة أن تخرج من بيت الزّوجيّة لرعاية محارمها ، كأبويها وإخوتها ، وذلك لتمريض المريض أو عيادته ، إذا لم يوجد من يقوم عليه واحتاجها ، وعليها تعاهده بقدر احتياجه ، وكذا إذا مات أحد من أقاربها تخرج لشهود جنازته ، ويستحبّ لزوجها إذنها بالخروج ، لما في ذلك من صلة الرّحم ، وفي منعها من ذلك قطيعة رحمٍ ، وربّما حملها عدم إذنه على مخالفته ، وقد أمر اللّه سبحانه وتعالى بالمعاشرة بالمعروف ، فلا ينبغي للزّوج منعها.
ولم يصرّح الحنابلة بحكم هذه الصّور.
«هـ - الخروج لقضاء الحوائج»
9 - يرى جمهور الفقهاء أنّه يجوز للمرأة أن تخرج من بيت الزّوجيّة بلا إذن الزّوج إن كانت لها نازلة ، ولم يغنها الزّوج الثّقة أو نحو محرمها ، وكذا لقضاء بعض حوائجها الّتي لا بدّ لها منها ، كإتيانها بالماء من الدّار ، أو من خارجها ، وكذا مأكل ، ونحو ذلك ممّا لا غناء عنه للضّرورة إن لم يقم الزّوج بقضائه لها ، وكذا إن ضربها ضرباً مبرّحاً ، أو كانت تحتاج إلى الخروج لقاضٍ تطلب عنده حقّها.
وصرّح الحنفيّة بأنّ للمرأة أن تخرج من بيت الزّوجيّة إن كان البيت مغصوباً ، لأنّ السّكنى في المغصوب حرام ، والامتناع عن الحرام واجب ، ولا تسقط نفقتها.
وكذا لو أبت الذّهاب إليه.
وصرّح الشّافعيّة والحنابلة بأنّ للمرأة أن تخرج من بيت الزّوجيّة للعمل إن أجاز لها زوجها ذلك ، لأنّ الحقّ لهما لا يخرج عنهما ، ولها الخروج للإرضاع إن كانت آجرت نفسها له قبل عقد النّكاح ثمّ تزوّجت ، لصحّة الإجارة ، ولا يملك الزّوج فسخها ، ولا منعها من الرّضاع حتّى تنقضي المدّة ، لأنّ منافعها ملكت بعقدٍ سابقٍ على نكاح الزّوج مع علمه بذلك.
وصرّح الشّافعيّة بأنّ للمرأة أن تخرج من بيت الزّوجيّة إن كانت تخاف على نفسها أو مالها من فاسقٍ أو سارقٍ ، أو أخرجها معير المنزل ، كما صرّح الشّافعيّة بأنّ لها الخروج والسّفر بإذن الزّوج مطلقاً مع محرمٍ.
وصرّح الحنفيّة والشّافعيّة أنّه يجوز للمرأة الخروج من بيت الزّوجيّة ولو بغير إذن الزّوج ، إن كانت في منزلٍ أضحى كلّه أو بعضه يشرف على الانهدام ، مع وجود قرينةٍ على ذلك.
ولها الخروج إلى مجلس العلم برضا الزّوج ، وليس لها ذلك بغير رضاه.
«ما يترتّب على رفض الزّوجة الإقامة في بيت الزّوجيّة»
10 - يرى الفقهاء أنّ المرأة إذا امتنعت عن الإقامة في بيت الزّوجيّة بغير حقٍّ ، سواء أكان بعد خروجها منه ، أم امتنعت عن أن تجيء إليه ابتداءً بعد إيفائها معجّل مهرها ، وطلب زوجها الإقامة فيه ، فلا نفقة لها ولا سكنى حتّى تعود إليه ، لأنّها بالامتناع قد فوّتت حقّ الزّوج في الاحتباس الموجب للنّفقة ، فتكون ناشزاً.


الموسوعة الفقهية الكويتية



هناك تعليق واحد:

  1. Do you understand there is a 12 word sentence you can communicate to your crush... that will induce deep feelings of love and instinctual appeal to you deep within his chest?

    That's because deep inside these 12 words is a "secret signal" that fuels a man's impulse to love, please and protect you with his entire heart...

    12 Words Will Trigger A Man's Love Impulse

    This impulse is so built-in to a man's genetics that it will make him try better than before to make your relationship as strong as it can be.

    Matter of fact, fueling this dominant impulse is so important to achieving the best ever relationship with your man that the moment you send your man one of these "Secret Signals"...

    ...You'll instantly find him expose his mind and soul to you in a way he's never expressed before and he'll identify you as the only woman in the universe who has ever truly understood him.

    ردحذف