الأربعاء، 12 ديسمبر 2012

قراءة وتعريف سريع عن شخصية ابن كمونة اليهودي


ابن كمونة اسم الشهرة لسعد بن منصور بن سعد بن الحسن الإسرائيلي. عاش فى بغداد وعَمل بعض الوقت مع الغزاة المغول، الوثنيين! ارتبطت شهرته بكتابه الجديد فى الحكمة وهو الكتاب الذى نال اهتماماً خاصّاً من المسلمين وأعضاء الجماعات اليهوديَّة، مع أنَّ لابن كمونةَ مؤلفاتٍ أخرى، مثل التذكرة فى الكيمياء وشرح كتاب الإشارات والتنبيهات لابن سينا، وشرح كتاب التلويحات العرشيَّة للسهروردي، وتنقيحِ الأبحاث في الملل الثلاث. وهذا الكتاب الأخير مطبوع مع ترجمة للإنجليزيَّة (جامعة كاليفورنيا 1967، نشرة موسى برلمان) أما الكتب الأخرى فهى فى حكم المفقود، ويتناول الكتاب النقاشَ الدائر بين أتباع الديانات الثلاث (اليهوديَّة والمسيحيَّة والإسلام) ويبدأ بفصل تمهيدي عن النبوَّةِ بشكل عام، ثم يُتبعه بفصول عن النبوَّةفي الديانات الثلاث تتسم بالموضوعيَّة. كما يتبدَّى فى الكتاب تعَاطُف ابن كمونةَ مع الاتجاهات العقلانيَّة (مقابل الاتجاهات الصوفيَّة والإشراقيَّة). ولكنْ مادَّةُ الكتاب فى معظمها اقتباساتٌ من كتابات ابن سينا والغزالي وموسى بن ميمون (دون أن يعيَّنَ المصدر). وقد نسب البعضُ لابن كمونةَ كتاب إفحام اليهود مع ادِّعاء أنَّه أسلم في آخر حياته! وهو خلط بين ابن كمونةَوالسموأل .. فالأخير هو الذى أسلم وألَّف الإفحام .
ويُعدُّ الجديد فى الحكمة أحد أهمِّ المؤلفات الفلسفيَّة (ذات الطابع الديني) في القرن السابع الهجري. ومع أنَّ مؤلفه يهوديُّ الديانةِ، إلاَّ أنَّ الكتابَ يحمل طابع الثقافة الإسلاميَّة الأصيل آنذاك؛ فهو مكتوب بلغة عربيَّةٍ فصيحة، ويعالج القضايا نفسَها التى عالجها المسلمون آنذاك، مستخدماً مصطلحاتهم وتقسيمَهم للقضايا. بل يعكس ابنُ كمونةَ بقوَّةٍ، طابعَ الثقافة الإسلاميَّة التى كان المسلمون يبدأون بها مؤلفاتهم؛ يقول ابنُ كمونةَ بعد البسملة: أحمدُ الله تعالى حمداً يُقرِّب إلى جنابه الكريم ، ويُوجب المزيدَ من فضله وإحسانه؛ وأستغفره استغفاراً يؤمِّن من عقابه الأليم، ويُخلِّد في الفردوس الأعلى من جنابه؛ وأسأله الهدايةَ إلى صراطه المستقيم، بإلهام الحق وإنارة برهانه (لاحظ السجع التبادلي المُركَّب بين العبارات). وبعد، فقد أتفق أربابُ العقائد العقليَّة، والديانات النقليَّة ، على أنَّ الإيمانَ بالله، واليوم الآخر، وعمل الصالحات؛ هو غايةُ الكمالات الإنسانيَّة ... إلخ .
ولا يحمل الجديد في الحكمة أىَّ جديدٍ مخالف لما قرَّره العلماء المسلمون السابقون على ابن كمونة ، وبخاصة متكلمو المعتزلة والأشاعرة، فهو يكاد يلخِّص أقوالهم، أو بالأحرى ينتقى من أقوالهم أشهرَها. ومهما فتَّشنا في هذا الكتاب، فلن تجدَ دليلاً واحداً- ظاهراً أو مستتراً- على يهوديَّةِ مؤلفه ابنِ كمونةَ حتى إِنَّه لم يفعل كسلفه موسى بن ميمون الذي كان ينثرُ فى كتابه دلالة الحائرين بعضَ آياتِ التوراة، بين آراء متكلمى المسلمين، ليُضفىَ طابعاً يهوديّاً مُصطَنعاً على ثقافته العربيَّة الإسلاميَّة.
وقد كتب ابنُ كمونةَ كذلك كتيِّباً عن الفرق بين اليهود الحاخاميين والقرّائين .. ولا تشير المصادر اليهوديَّة إلى ابنِ كمونة.               

هناك تعليق واحد: